عندما كتب الراحل المغربي الكبير محمد شكري روايته القنبلة "الخبز الحافي"، تهافتت عليها دور النشر العالمية، حتى تم نشرها بـ 38لغة.
و لكنها، رغم كتابتها باللغة العربية، احتاجت لعشر سنوات أخرى حتى تجرأت دار نشر عربية واحدة على نشر هذه الرائعة الأدبية.
و ما أن تم نشرها بالعربية حتى انهالت عليها الإنتقادات من كل حدب و صوب. لدرجة جعلت شكري نفسه يطلق عليها: الرواية الملعونة.
لم تجد دور النشر العربية في الرواية واقعا معاشا من قبل الملايين في عالمنا العربي. و لم تقدّر روح الصراحة و الصدق التي كتبت بها، و لم تر ذلك الشاب الذي ترعرع في أحط قيعان المجتمعات العربية حتى بلغ العشرين، لم تره كيف تمرّد على واقعه الأمّي و الجاهل، و كيف استطاع أن يتحول إلى أكبر أدباء و مثقفي عصره، و لم تر فيه قدوة يحتذى... بل كل ما رأته، هو جملة أخلاق بالية و زائفة، و حياء عام تم خدشه. (و كأن ذلك سيجلب نهاية العالم)
إن واقع دور نشرنا و ناقدينا الأدبيين، أكثر فظاعة من واقع شكري الذي تحدّث عنه في تحفته الأدبية. واقع مرعب من الضلال و الكذب و النفاق على مجتمع منهار، أوصله حكّامه و القائمين على أدبه و فنه إلى ذيل أي قائمة دولية، من قوائم الشفافية، إلى قوائم المحتوى على النت، إلى قوائم الجامعات و المستشفيات، بل حتى قوائم الفيفا
إن سياسة النعام، او سياسة "إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا" هي ما أوصلتنا إلى حضيضنا الرهيب. فنحن لم نعد خير أمة أخرجت للناس، و نحن لسنا أمّة إقرأ، فجميع دور نشرنا، لا تنشر ما تنشره دار نشر واحدة في اليونان.
أيها الأحبّة، إن أول خطوة من خطوات العلاج هي معرفة السبب و العلة، هذه قاعدة عامة. باتت ضرورة حتميّة في حياتنا
إن لم نصح، إن لم نعترف بمشاكلنا، فبئس الأقوام نحن
لروح عاشق طنجة و أدبيها الكبير البطل محمد شكري ألف تحية و سلام
(ملاحظة: كان بودّي أن أنشر في هذا المنبر، قصيدة طنجيس الرائعة لمحمد شكري، و لكني لم أجدها، لكي تزداد مرارتي على محتوانا الإلكتروني الهزيل المليء بالخزعبلات و التفاهة ، إلى أن أجهز القصيدة ... لكم مني أحبّتي إحترامي و تقديري)
تحية من طنجة ^_^
ردحذف