أمارجي كلمة سومرية تعني "الحرية"، و هي أقدم كلمة مدونة في التاريخ بهذا المعنى.

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

تعرف أيه عن الحتمية يا بهجت يا أباصيري؟

أعرف عن الحتمية ما يلي:
1 - أنها المبدأ الأساسي الذي تستند عليه العلوم ... كل العلوم، بل و كل ما هو منطقي (و للسؤال عن المنطق بإمكانكم الإطلاع على فلسفات أرسطو و افلاطون... الخ، أو إجابة مرسي الزناتي في مدرسة المشاغبين أيضا بتنفع).

2 - الحتمية تقول: كل شيء في الكون هو "سبب" يؤدي إلى نتيجة ما، و هو بذات الوقت "نتيجة" لسبب سابق له في الزمن

يعني... (يا نهار إسود)...
لنفترض جدلا، أن هناك شيء ما كائن في الكون و لنطلق عليه مثلا "العنصر آ" (كان، كينونة). فإن هذا العنصر، بالحتمية، سيسير وفق حركة زمنية ما (سار، سيرورة). فيتحول و يصير بذلك إلى شيء آخر و لنسمه مثلا "العنصر ب" (صار، صيرورة).
إذن الحتمية تقول أن "العنصر آ" الذي كان، تحول بفعل السيرورة الحتمية إلى "العنصر ب" الذي صار.
و لكن هذا " العنصر ب" أصبح كائنا بذاته، و هو إن خضع لسيرورة أخرى (بضم الهمز) فإنه هو أيضا في حال خضوعه لشروط قانونية، سيسير ضمن قوانين الحتمية ليتحول إلى شيء آخر و لنسمه "العنصر ج"، و هكذا دواليك
يعني: كان > سار > صار

3 - لفهم سيرورة الحتمية (سار) أحيلكم أيها الأحبّة إلى السببية (ذات الارتباط الوثيق بالحتمية) التي تقول: كل فعل في هذا الكون له رد فعل، يتحول بموجبه إلى فعل و سيؤدي أيضا إلى رد فعل و هكذا دواليك... (فالبيضة النيئة إن فعلنا بها فعلا حراريا ستتحول ضمن شروط خاصة إلى بيضة مسلوقة)

بناءا عليه... ينقسم الحتميون إلى نوعين متناقضين اشد التناقض:
القدريون: (المؤمنون بالقدرية Fatalism) كالمسلمين الذين يرون أن الله هو مبتدع الحتمية لتسيير الكون بشكل منظم (و هؤلاء يكونون قد حلوا مشكلة العلة الأولى أو السبب الأول)، و لو أنهم لم يعودوا منذ زمن المعتزلة و ابن رشد و عمر الخيام يتفكرون بالحتمية أو الفلسفات. و باتوا يقبلون دينهم بالنقل لا بالعقل (يا خسارة)
و العلماء (علماء العلوم اصحاب الكلمة الحقيقيين و ليسوا العلماء الخرندعيين بتوع الأديان) و الذين يعتقدون أنهم يستطيعون من خلال الحتمية التنبؤ بالنتائج، و ما لا يستطيعون التنبؤ به يعود إلى عدم معرفتهم لشروط و قوانين السيرورة الحتمية... و أنهم مع الزمن سيجدونها، و لكنهم بعكس القدريين لم يتمكنوا من الإجابة عن العلّة الأولى أو المسبب الأول.
و إن كان القدريون يكتفون بإحالة الإجابة إلى جواب ميتافيزيقي و هو الله الخالق، عندما يُسألون عن برهان اعتقادهم... فإن العلماء الذين يعتمدون على المنطق الرياضي يعلمون جيدا أنهم (حتى الآن على الأقل) لم يتمكنوا من إيجاد برهان على صحة الحتمية لا رياضيا و لا بأي طريقة عقلانية علمية منطقية أخرى (بضم الهمز.. أو فتحها لا فرق)

كل هذا جميل
و لكن مشكلتي مع الحتمية تكمن في أن الحتمية تلغي الإرادة الحرة للإنسان، و تعتبرها مجرد خزعبلات وهمية لا وجود لها إلا في مخيلاتنا...
فإن كانت الإرادة الحرة في مخيلاتنا فقط، فلماذا إذن مخيلاتنا حرة؟ لماذا نحن أحرار بما نحلم، و ما نفكر و ما نقرر؟
و من أين جاءت كلمة الحرية الوهم؟ أم أن الأوهام أيضا أمرا حتميا؟
و هل هناك من يستطيع أن يقنع فنانا ما (رساما كان ام موسيقيا أم نحاتا أم... الخ) أنه لم يتدخل بإرادته في إبداع فنونه؟ و أن فنه كان سيكون بشكل "حتمي" و أنه كان فقط ريشة أو قلم أو إصبع؟
و هل هناك من يعتقد أن عمارة ما ترتفع بدون تدخل إرادة الإنسان الحرة؟

لا أنكر دور الإلهام، أو الوحي، أو الصدفة، و لكني أيضا لن أنكر دور الإرادة الحرة

و أشد ما يزعجني هو أن يقوم الحتميون باستهداف اصحاب باقي الفلسفات من مبدأ أن لا برهان على صحة مبادئ فلسفاتهم في الوقت الذي هم أنفسهم لا يملكون برهان على صحة فلسفتهم الحتمية


و يبقى الخلاف بين المعتقدات قائما يلون حياتنا... إلى أن يكشف الله أمرا كان مخفيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق