أمارجي كلمة سومرية تعني "الحرية"، و هي أقدم كلمة مدونة في التاريخ بهذا المعنى.

الخميس، 3 مارس 2011

الحضارة الزراعية الأولى، حضارة الأنثى... الجزء الثاني

كنت قد تحدّثت بموضوعي الحضارة الزراعية الأولى، حضارة الأنثى عن رأيي المتواضع بكيفية انتقال البشرية من مرحلة الجمع و الالتقاط إلى مرحلة الزراعة، و ما نتج عن هذا الانتقال من اتساع رقعة موطن البشر نحو الوديان الخصبة على ضفاف الأنهار الكبرى.
و تحدّثت بشكل مختصر عن أهم سمات مرحلة اكتشاف الزراعة، و كيف جاء معها معرفة البشر لطرائق علاجية بالاعتماد على الأعشاب و الفطور و ما تقدّمه مملكة النبات.
و تحدّثت عن دور الأنثى الجليل في تلك المرحلة، حتى أطلقتُ على تلك الحضارة، حضارة الأنثى. و رأيت أن أستفيض قليلا عن بذور نشأة تلك الحضارة.

فالانثى التي أجبرها حملها و ولادتها و نفاسها و إرضاعها و تربيتها للأطفال، على الاستقرار، و أعطاها الوقت للتأمل، استطاعت نتيجة للتأمل في مملكة النبات، أن تكتشف أساليب الزراعة، و أن تكتشف بعض الطرائق العلاجية، بل و استطاعت أيضا أن تكتشف أساليب الغزل و النسيج (لهذا سنجد أن الأنثى حتى يومنا هذا لها القدرة على الغزل و النسج، بل و يعتبر الغزل عملا خاصا بالمرأة حتى في أكثر الحضارات الحالية ذكورية، كما في إيران و أفغانستان)، بل و أستطيع أن أدّعي و كلي اطمئنان بادّعائي، أن الأنثى هي أول من قام بتخمير المشروبات الكحولية.
فبرأيي المتواضع، حتى و لو استطاع الرجل (الصياد ) أن يعصر نتاج الكروم و الشعير و ... الخ، إلا أنّه لن يجد الوقت الكافي للتخمير، ناهيك عن اكتشافه للآلية، بينما سيتاح الوقت للأنثى لتخمير نتاج الكروم و غيرها، و خاصة أنها تملك الدافع لذلك، فهي تنتظر الرجل الصياد للعودة من رحلة الصيد، لذلك ببساطة أرى، أنها احتفظت بالعصائر، و حفظتها من التلف لحين عودة الذكر، فحصل التخمّر... أمّا آلية التخمّر، فإنها ستكتشف من قبلها عن طريق التجربة و الملاحظة، و لا بأس بقليل من الحظ و الصدفة، كحال أي اكتشاف آخر.
و لأنّ الأنثى تقوم بخلق الأطفال عن طريق الولادة، و مع كل ما ذكرته، فإنّه كان لا بدّ أن تتّسم تلك المرحلة بتقديس المرأة
فهي التي تخلق الأطفال، و هي التي تشفي، و هي التي تنسج، و هي التي تأتي بالخمر المسكر، و هي التي تؤمّن القوت من البقول و الأعشاب و الفطور، حين لا يفلح الذكور الصيّادين بصيد البروتين الضروري، ناهيك عن أنّها سبب المتعة الجنسية، بل هي المتعة الجنسية ذاتها. فهل يوجد بعد ذلك ما يدعو لعدم تقديسها؟
و أكثر ما يدعم رأيي هذا، هو اكتشاف تماثيل المرأة المتضخمة الأثداء و الأرداف، في كل مكان انتشرت فيه هذه الحضارة، و التي أجمع الآثاريون أنها انطلقت من شرق المتوسط، و انتشرت في كل أرجاء المعمورة.
هذه التماثيل، وجدت لسبب واحد أوحد، و هو تقديس المرأة الولود.
و لعلّ أهم ما جاءت به تلك الحضارة الزراعية الأنثوية، هو أساطير الخلق الأولى، و لكني سأستفيض في شرح هذه النقطة في مرة قادمة إن شاء الله.

هكذا أيّها الأحبّة، برأيي المتواضع و الحر، استطاعت الأنثى أن تنقل البشرية من مرحلة الجمع و الالتقاط و الصيد، إلى مرحلة الزراعة المشاعية الأولى، و أولى الحضارات الإنسانية. و التي كما سبق و أخبرتكم، كانت حضارة سومر القديمة، أكمل هذه الحضارات التي وصلت إلينا.

و لكن، هل تعتقدون أن الذكر سيقف مكتوف اليدين و هو يرى سطوة الأنثى على الحضارة؟
نظرة بسيطة على واقعنا اليوم، و نظرة ابسط على التاريخ، ستؤكد أن الإجابة هي: لا

و لكن كيف بدأت حضارة الذكر، و كيف حصل الإنقلاب الذكري؟
هذا ما سأحاول أن أجيب عليه في تحشيشة أخرى.... و لحين بلوغ الوقت، لكم مني أطيب التحيات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق