أمارجي كلمة سومرية تعني "الحرية"، و هي أقدم كلمة مدونة في التاريخ بهذا المعنى.
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تحشيش. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تحشيش. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 4 مارس 2011

يحدث فقط في بيروت

كمال شاب هندي، يعمل لدى عائلة أقربائي منذ سنوات في الخليج العربي، أمين، حسن الطباع، طيب المعشر.
منذ فترة انتقل أقربائي إلى بيروت، ليعيشوا فيها. و منذ شهر، لحق بهم كمال.
قبل عدة أيام، أراد كمال أن يحلق شعره، فأخذته و نزلنا إلى حلاق قريب من منزل أقربائي الذين أقطن عندهم، كنت قد تعوّدت في الفترة الأخيرة أن أحلق عنده. حيّاني بحرارة كالعادة، و لكن ما أن علم أن كمال هو زبونه الجديد، حتى بدأ يعتذر و يتعذّر بانشغاله طول اليوم.
سألته: هلّا جعلت له موعدا في الغد؟ و هنا أخذني على جنب و أجابني: لا أستطيع، أخشى أن ينزعج زبائني، أرجوك أعذرني و لكني لن أحلق لكمال.
لم أصدّق ما سمعت أذناي، و من هول الصدمة تراجعت بدون أن أنبس ببنت شفه، و نظرت إلى المسكين كمال و قلت: حلّاقي مشغول جدا الآن، سنجد غيره.
و تكرّر الرفض (بجفاصة و عدم احترام لمشاعر كمال) مع أربعة حلّاقين آخرين في المنطقة التي أقطن بها، و كدت أن أتعارك مع آخرهم، إذ لم أتحمّل و صرخت: عيب! إن لم تكن هذه هي العنصرية فماذا تكون؟!
و هنا، كالني بالسباب و الشتائم، عليّ و على الذين خلّفوني، و توعّدني بالويل و الثبور و عظائم الأمور... يا له من وغد!

في الخليج، لم يعان أقربائي هذه المشكلة، فالحلّاقين الهنود متوفرين بكثرة. أمّا هنا في لبنان، فجميعنا حديثوا العهد في البلد. فقرّرت أن أنزل في اليوم التالي إلى منطقة الدورة، مصطحبا معي كمال المسكين، علّنا نعثر على حلّاق "ابن أصل" يقبل أن يمارس مهنته بشرف، و بدون اعتبارات عنصرية.
و على قراري هذا، خرجت من منزلي قاصدا مقهى في "جونية"، كنت قد واعدت بعض الأصحاب أن نلتقي فيه.

و نحن هناك، قصصت على أصحابي حكاية كمال و قصة شعره. و أبدى الجميع استهجانه، و أطلقوا نفس عبارات الشجب و الاستنكار و التنديد و الإدانة التي نسمعها عادة في مقررات قمم جامعة الدول العربية.
و صرخ أحد الروّاد من طاولة قريبة: " بيكونوا هالحلاقين كلهم عونية"، و هنا صرخ آخر: " بل جميعهم من القوّات، و هذه المنطقة معروفة أنها كلها قوّاتجية"، ليصرخ ثالث: " بل هم عونية أشقياء، فهذه هي أخلاق العونيين"....
و كادت، سيداتي و سادتي الأكارم، أن تندلع حرب الإلغاء مرة أخرى، هذه المرة بسببي أنا و كمال. (حرب الإلغاء: آخر الحروب الأهلية اللبنانية، قامت بين المسيحيين الموالين لعون، و المسيحيين الموالين لجعجع ).
و لكن، من حلاوة الروح ربّما - و قبيل لحظات من اتخاذ قرار الهرب لأنجو بجلدي - صرخت بلهجتي الشامية: " يا جماعة الخير، طيب عال، كتير منيح، حدا يعطيني رقم تلفون شي حلاق ابن حلال، خلّونا نعرف نحلق للدرويش".

و كأن الله أراد أن يثبت لي صحة النظرية القائلة: "وحدهم السوريين، قادرين على حلّ مشاكل اللبنانيين، و لكن لمصلحتهم".
فقد هدأت الأمور في المقهى فجأة، تماما كما ثارت فجأة، بل و انهالت عليّ أرقام التلفونات، و تباروا من يدلّني على حلاق أقرب إلى مسكني، و لا يعاني من مرض العنصرية، و أكدوا لي أنهم سيتوصّون بي و بكمال.
و بالفعل، فقد قمت في اليوم التالي بعمل اتصال لحلاق قريب من مسكني، و رحب بي و بكمال و تواعدنا، و حلقت عنده أنا و كمال.

و سبحان من يجعل في شجرة اللوز لوزان... أحدهما حلو، و الآخر مرّ.

الخميس، 3 مارس 2011

أنقذوا لغتنا من الشوفينية العنصرية

وصلني عبر الفيسبوك دعوتان للانضمام إلى قضيتان:
الأولى دعوة للمطالبة بحق المرأة السورية بمنح الجنسية السورية لأبنائها، و هي الدعوة التي قبلتها على الفور بلا تردد و بدون تأجيل.
فالمرأة في سوريا ( و في كل مكان أيضا )، لها ذات عين حقوق الرجل السوري، شاء من شاء و أبى م أبى.
و أتحدّث هنا عن جميع الحقوق بلا استثناء، مهما كان هذا الاستثناء، و مهما كانت هذه المزاعم، و تحت أي ذريعة كانت.
بل و أتمنى صادقا، من كل قلبي و عقلي و وجداني، أن ينقرض دعاة إنقاص حقوق المرأة. و لكي أكون صادقا معكم، فإني أتسامح لأبعد الحدود التي تسمح بها مبادئي، بالوسيلة أو الوسائل التي يتم بها انقراضهم.
و لكن ليس هذا ما أودّ الحديث عنه في تحشيشتي هذه، و ما ذكرت الموضوع سوى من مبدأ أن الشيء بالشيء يذكر.

موضوعي الذي أودّ الحديث عنه، هو الدعوة الثانية:
فالدعوة الثانية كانت دعوة لتغيير  أسماءنا في الفيسبوك إلى العربية.
و هنا سرحت طويلا...
لم أضغط حتى على اللينك (استعملت كلمة لينك قاصدا)، خوفا مني أن أقرأ ما يعكّر مزاجي من نفحات شوفينية و عنصرية لن تخلو منها مثل هذه الدعوات.
أنا أيها الأحبّة، شديد الاعتزاز بلغتي و ثقافتي العربيتان، بل و أفتخر بهما أيّما فخر، و يستهويني أدبها، و أتابع بشغف نتاج مبدعيها في كل العصور.
و لكني أيضا متصالح تماما مع لغتي الإنكليزية (و هما اللغتان الوحيدتان اللتان أتقنهما).
لست متصالحا فقط، بل أنا ممتن لها، ممتنّ لها في تعليمي و دراستي، في تواصلي مع الناس، في عملي، ممتنّ لأدبها الجميل، ممتن لأنها كانت بصدق، بطاقة دخولي عالم الكومبيوتر و الانترنت، و مهما أطلت مقالي هذا، لن أوفيها حقّها.

أيّها القرّاء الأعزّاء، لقد كانت لغتنا العربية يوما ما من أثرى لغات العالم باحتوائها على ما يزيد عن مليونين و نصف المليون مفردة.
و لكن تلك الدعوات لتحنيط لغتنا العزيزة بقالب المقدّس الديني، و النوعية الرديئة من مستخدمي الفصحى في صحافتنا المكتوبة، بالإضافة لعدم الاهتمام في تطوير هذه المفردات، و اصطدام أي محاولة تطوير بدعاة الشوفينية الدينية البغيضة، كل تلك العوامل. أدت إلى هبوط مستوى اللغة العربية، و انحطاطها، شأنها شأن معظم مناحي حياتنا اليومية.
كانت اللغة الانكليزية تحتوي على ما يزيد قليلا عن 600 ألف مفردة، قبيل الحرب العالمية الثانية، و أصبحت اليوم تحوي على ما يزيد عن 6 ملايين مفردة، مما جعلها لغة متفجّرة السرعة و التطور.

لا يخجل الناطقين بالاسبانية (و هي أكثر اللغات انتشارا على الأرض اليوم) من الـ 50000 مفردة ذات الأصول العربية، و لم تتوان اللغات اللاتينية من أخذ مصطلحات اللغة العربية عندما كانت تتصدر لغات العالم، عندما كانت لغة لا بد من دراستها للولوج إلى عوالم العلم و المعرفة. فلماذا علينا أن نخجل من إضافة مفردات جديدة من أصول غير عربية؟
ألم تضم العربية يوما ما مصطلحات فارسية و تركية و سريانية و آرامية و عبرية و يونانية و ... الخ؟

إن كان هناك من يعتقد أن إثراء لغتنا و الاعتزاز بها يتم عن طريق تغيير نوع الحروف التي نستخدمها في الفيسبوك، فإني أؤكد لكم جميعا، إن مثل هذه الدعوات لا تعني بالنسبة لي سوى الشوفينية و العنصرية.
استخدامي للغة الانكليزية لا ينقص من اعتزازي بعربيتي ابدا، و بالتأكيد لا يهين العربية.
إن ما يهين العربية حقا، هو أن يقوم الأجانب بدراسة العربية فقط و فقط لكي يصبحوا قادرين على فهم حوارات الإرهابيين، و لكي يتمكّنوا من الحصول على وظيفة في أحد أجهزتهم الأمنية. هذا ما يهين لغتي العربية، و للأسف هذا هو الواقع.

الأحد، 20 فبراير 2011

المدون و الدولاب

المتهم: وحياة الله  يا سيدي انا لست مدون و لا معارض
المحقق: احلف كما تشاء، أنا لا أؤمن إلّا بالدولاب (وسيلة تعذيب ) بالدولاب ستعترف شئت ام أبيت
المتهم: طيب، وحياة الدولاب يا سيدي انا لست مدون و لا معارض

الخميس، 17 فبراير 2011

يا مدخني العالم... اتحدوا. (حملة لإنشاء جمعيات دفاع عن حقوق المدخنين)

1
فجأة، تحول كل العالم للهجوم على المدخنين، فصرنا (أي المدخنين) أعداء البشرية نمرة واحد، صرنا قاتلي الأطفال و الآمال...
و لا داعي لأن نسأل لماذا، فقد تجرأ أحد التقارير الطبية السخيفة  (أقل ما يقال) أن يجعل دخان السيجارة يحوي على 25 الف تركيب كيماوي سام.
فتلقفت هذه التقارير جهات أغلبها ساقط أخلاقيا، لا يملك من أسباب أقناع الناس بقضاياهم المخزية أي شيء، فكانت تلك التقارير معينهم، فكفّر تنظيم القاعدة التدخين، و حذا حذوه كل جهة لا تملك قضية عادلة، من الـ"سكين هيد" إلى "الكوكلوس كلاين" إلى عصابات الشيشان.

2
و وصلت بجاحة الجعجعة الإعلانية و الإعلامية لأن لا تذكر ايجابية واحدة للتدخين، سوى على سبيل التندر، كإبتعاد الكلاب عن المدخنين لأنها حتى هي تكره رائحته (و لن أهبط بقلمي إلى مستواهم و أصنع مقارنة بين الكلاب و غير المدخنين و لو على سبيل التندر). متسائلا حقّاً ألا يوجد اي ايجابيات على الإطلاق للتدخين؟ و أترك الإجابة لذوي الألباب الذين يعلمون أن لا شيء مطلق في هذا الكون.
و لأن الضرب بالمدخنين و سلب حقوقهم بات موضة العصر، و العصريين .... سارعت أحزاب اوروبا التي لا تملك سوى الماضي المخزي من فساد و فشل لأن تتبنى أية وسيلة تهاجم المدخنين على سبيل الدعاية الانتخابية، لتصعد على أكتافهم إلى سدة الحكم و تصدر أحكام إذلال المدخنين، متذرعين بمساعدة المدخنين على محاربة و مكافحة التدخين من جهة، و مدّعين أنهم حماة الصحة العامة و العائلات المسكينة التي نالها من المدخنين و ظلمهم ما نالها.
   و هذا ما حصل فعلا، و باتت القاعدة العامة تقول: إن كنت تريد الاستمتاع بالتدخين عليك تقبل الإذلال، لا مكان لكم في المطاعم، و لا الحدائق، و لا وسائل النقل العامة، بل و لا حتى الخاصة في بعض الدول.

3
كل هذه المعامل التي تنفث سمومها، و كل السيارات و مفاعلات تشرنوبل و أخواته الرهيبة و القنابل الذكية و الغبية و ... الخ الخ الخ، و المدخنين هم من يجب أن يذلوا و ينبذوا...
هل سمعتم مطعما واحد يضع لافتة يقول فيها: نعتذر عن إدخال المجرمين سائقي السيارات الرباعية؟
هل سمعتم ناديا او فندقا او شركة طيران واحدة تضع لافتة تقول: لا نستقبل أصحاب المعامل التي تستعمل الفحم الحجري، أو العاملين فيها؟
هل سمعتم جهة واحدة تقاطع موظفي شركات النفط ؟
لا ... قطعاً لا، بل هؤلاء هم الهاي كلاس و هم الـ VIP
أما نحن المدخنين فنحن ديناصورات العصر التي يجب أن تنقرض

4
و لكن كل هذا احتمله.. أما ما لن أحتمله بعد الآن هم مدخني الأرغيلة الذين يتنعطزون على سمانا و هم ألعن و أدقّ رقبة، سواء من ناحية الضرر بنفسهم أو بالمحيطين بهم... غير مدركين أننا و هم في مركبٍ واحد.

5
و أشد ما يزعجني هو كل ذلك الكم الهائل من الإختراعات لتعويض المدخنين عن حرق نبتة التبغ، من باتشات النيكوتين، إلى العلكة، إلى الحبوب الدوائية، و ليس آخر الاختراعات هو السيجارة الكهربائية بل و الأرغيلة الكهربائية، بينما لم نسمع عن إختراع واحد قد يساعد غير المدخن الذي سيضطر مثلا لأن يجالس مدخن على تحمّل تدخينه... فغير المدخنين، هم أصحاب حق، و نحن المدخنون أصحاب باطل... و لا أدري من قرّر هذا و بأي حقّ.


بناءا على ما سبق أعلاه... أعلن اليوم من هذا المنبر إطلاق حملة للدفاع عن حقوق المدخنين تحت شعار: "يا مدخّني العالم، إتّحدوا..."
لست غير عقلاني، و لا أطالب بأن ندخن في كل مكان، و لكني أطالب بتخصيص أماكن للمدخنين في الطائرات و وسائل النقل العامة و الخاصة، و في الأماكن العامة و المطاعم و البارات... فهل هذا المطلب غير عقلاني أو غير عادل؟
إنضموا إلي أيها المدخنون، و عوا مطالبكم و لا تقبلوا الإذلال بعد الآن، فنحن لسنا مجرمون و لا تسمحوا لأحد أن يملي عليكم ما هو ضد رغباتكم، نحن فقط نستمتع في حياتنا بوسائل طبيعية مشروعة كالتدخين.