أمارجي كلمة سومرية تعني "الحرية"، و هي أقدم كلمة مدونة في التاريخ بهذا المعنى.

الخميس، 3 مارس 2011

أنقذوا لغتنا من الشوفينية العنصرية

وصلني عبر الفيسبوك دعوتان للانضمام إلى قضيتان:
الأولى دعوة للمطالبة بحق المرأة السورية بمنح الجنسية السورية لأبنائها، و هي الدعوة التي قبلتها على الفور بلا تردد و بدون تأجيل.
فالمرأة في سوريا ( و في كل مكان أيضا )، لها ذات عين حقوق الرجل السوري، شاء من شاء و أبى م أبى.
و أتحدّث هنا عن جميع الحقوق بلا استثناء، مهما كان هذا الاستثناء، و مهما كانت هذه المزاعم، و تحت أي ذريعة كانت.
بل و أتمنى صادقا، من كل قلبي و عقلي و وجداني، أن ينقرض دعاة إنقاص حقوق المرأة. و لكي أكون صادقا معكم، فإني أتسامح لأبعد الحدود التي تسمح بها مبادئي، بالوسيلة أو الوسائل التي يتم بها انقراضهم.
و لكن ليس هذا ما أودّ الحديث عنه في تحشيشتي هذه، و ما ذكرت الموضوع سوى من مبدأ أن الشيء بالشيء يذكر.

موضوعي الذي أودّ الحديث عنه، هو الدعوة الثانية:
فالدعوة الثانية كانت دعوة لتغيير  أسماءنا في الفيسبوك إلى العربية.
و هنا سرحت طويلا...
لم أضغط حتى على اللينك (استعملت كلمة لينك قاصدا)، خوفا مني أن أقرأ ما يعكّر مزاجي من نفحات شوفينية و عنصرية لن تخلو منها مثل هذه الدعوات.
أنا أيها الأحبّة، شديد الاعتزاز بلغتي و ثقافتي العربيتان، بل و أفتخر بهما أيّما فخر، و يستهويني أدبها، و أتابع بشغف نتاج مبدعيها في كل العصور.
و لكني أيضا متصالح تماما مع لغتي الإنكليزية (و هما اللغتان الوحيدتان اللتان أتقنهما).
لست متصالحا فقط، بل أنا ممتن لها، ممتنّ لها في تعليمي و دراستي، في تواصلي مع الناس، في عملي، ممتنّ لأدبها الجميل، ممتن لأنها كانت بصدق، بطاقة دخولي عالم الكومبيوتر و الانترنت، و مهما أطلت مقالي هذا، لن أوفيها حقّها.

أيّها القرّاء الأعزّاء، لقد كانت لغتنا العربية يوما ما من أثرى لغات العالم باحتوائها على ما يزيد عن مليونين و نصف المليون مفردة.
و لكن تلك الدعوات لتحنيط لغتنا العزيزة بقالب المقدّس الديني، و النوعية الرديئة من مستخدمي الفصحى في صحافتنا المكتوبة، بالإضافة لعدم الاهتمام في تطوير هذه المفردات، و اصطدام أي محاولة تطوير بدعاة الشوفينية الدينية البغيضة، كل تلك العوامل. أدت إلى هبوط مستوى اللغة العربية، و انحطاطها، شأنها شأن معظم مناحي حياتنا اليومية.
كانت اللغة الانكليزية تحتوي على ما يزيد قليلا عن 600 ألف مفردة، قبيل الحرب العالمية الثانية، و أصبحت اليوم تحوي على ما يزيد عن 6 ملايين مفردة، مما جعلها لغة متفجّرة السرعة و التطور.

لا يخجل الناطقين بالاسبانية (و هي أكثر اللغات انتشارا على الأرض اليوم) من الـ 50000 مفردة ذات الأصول العربية، و لم تتوان اللغات اللاتينية من أخذ مصطلحات اللغة العربية عندما كانت تتصدر لغات العالم، عندما كانت لغة لا بد من دراستها للولوج إلى عوالم العلم و المعرفة. فلماذا علينا أن نخجل من إضافة مفردات جديدة من أصول غير عربية؟
ألم تضم العربية يوما ما مصطلحات فارسية و تركية و سريانية و آرامية و عبرية و يونانية و ... الخ؟

إن كان هناك من يعتقد أن إثراء لغتنا و الاعتزاز بها يتم عن طريق تغيير نوع الحروف التي نستخدمها في الفيسبوك، فإني أؤكد لكم جميعا، إن مثل هذه الدعوات لا تعني بالنسبة لي سوى الشوفينية و العنصرية.
استخدامي للغة الانكليزية لا ينقص من اعتزازي بعربيتي ابدا، و بالتأكيد لا يهين العربية.
إن ما يهين العربية حقا، هو أن يقوم الأجانب بدراسة العربية فقط و فقط لكي يصبحوا قادرين على فهم حوارات الإرهابيين، و لكي يتمكّنوا من الحصول على وظيفة في أحد أجهزتهم الأمنية. هذا ما يهين لغتي العربية، و للأسف هذا هو الواقع.

هناك تعليق واحد: