عندما بنى الراحل الكبير أبو خليل قباني "مرسحه" في دمشق، قامت الدنيا فيها و لم تقعد حتى تم حرق هذا الكفر المبين. (و هل يحرق بالنار سوى ربّ النار؟ مجرد سؤال يعني)
و كانت موجة الغضب و التكفير التي أقامها أصحاب العقول المتحجرة لم تبرد في القاهرة عندما بدأ هذا الفن العظيم في الظهور فيها.
فالفن المسرحي كان قد عرف طريقه هناك عن طريق "الثياترو" ابن الأكابر القادم من عند بلاد الخواجات الأكابر... و هذا طبعا لا كفر فيه و لا من يحزنون. لأنه آتٍ من عند أبناء الأكابر. (هكذا!!)
و عندما أراد الراحل الكبير نجيب الريحاني إطلاق هذا الفن بدون معونة أبناء الأكابر الخواجات... وجد الحل بكلمة "مسرح" التي هي التعريب المناسب لكلمة "ثياترو" و ليس لها أية علاقة بـ"مرسح" أبو خليل القباني الكافر صاحب التجربة المريرة في دمشق.
هكذا، أيها السادة الكرام، تمكّن نجيب النجيب من إبعاد شبح التكفير عن المسرح، و الذي لو استند إلى الكلمة العربية الصحيحة المرادفة لـ"ثياترو" الخواجات الأكابر، لما عرف طريقاً إلينا اليوم، و لا كنّا استمتعنا بمسرحيات عادل إمام أو دريد لحام أو فؤاد المهندس أو الأخوين الرحباني أو ... الخ
و المطلوب، بعد هذه المقدّمة، إيجاد تعريب جديد للكلمة الخواجاتية Liberalism غير كلمة "ليبرالية"، لأن هذه الـ"ليبرالية" أو "التحررية" بنت الكلب، قد اصبحت على يد ذات أصحاب العقول المتفحّمة، كلمة ترادف الشذوذ، و العهر، و القذارة، و تقليد الغرب الكافر (نعم كافر، أصبح اليوم كافر على يد الخميني و من شبّ شبّه، و الذي يملك مفاتيح الجنة !).
و لأن هؤلاء المتفحّمي العقول هم من يحق لهم البعبعة، و هم وحدهم من يملكون المال الفاسد و اللازم لإطلاق وسائل إعلامهم المتقدمة، بينما العبد الفقير لله كاتب هذه السطور لا يملك سوى هذا المنبر... لأنهم يملكون الفضائيات و غيرها، فهم وحدهم من يقرّر ماذا ينفع لنا نحن الشعوب المسحوقة و المعدومة (بسببهم غالبا)، من التوجّهات و الأفكار التي يجب أن تسود بين خلق الله. بل هم وحدهم من يقرّر تفسير إرادة الله (و حسبي الله و نعم الوكيل فيهم).
و كأن الله لم يكرّم الإنسان بحرية الاختيار، بين الجنّة و النار... و كأن الله حباهم هم وحدهم هذه المَكرمة...
نعم قارئي العزيز، لقد وجدت في الليبرالية تطبيقا مباشرا لمكرمة الله العظيمة في حريتنا بالاختيار، اختيار أفكارنا و معتقداتنا و فلسفاتنا التي تناسب حياتنا.
و لكن، لإن "القرضاوي" و من نحا نحوه قرّروا أن الليبرالية كافرة، و بدعة من بدع جهنّم و العياذ بالله، فإن مجرد التسمية (ليبرالية) صارت كفر و حرام و ممنوعة، ليس من الصرف، بل من النطق... لذلك علينا نحن الليبراليون أن نعاني تهم الشذوذ، و الإنحراف، بل و حتى الكفر.
و لا يهمني حقا ماذا يقولون عني، و لكني علي أن أعاني عندما أنادي بليبراليتي، و لن أجد سوى الآذان الصماء و العقول الموصودة إن فكرت أن أحاور أحدهم أو أجادله، رغم أوامر ربّ القرضاوي و الخميني و من حذا حذوهم الصريحة بالشورى و المجادلة بالتي هي أحسن. و كل ذلك لأني ليبرالي، و لأن الليبرالية كفر، من دون حتى أن يفكر مجادلي لماذا هي كفر(؟!)
و لكن الحل أبسط من البساطة نفسها... كل ما نحتاجه هو كلمة بديلة عن الليبرالية اللعينة، فلماذا علينا العناد و الحل بسيط؟ (أنا عارف أنه ضحك على الذقون، و لكن هل هناك ضير في مسايرة عقول الأولاد؟)
لذلك، أيها اللغوين العرب، أناشدكم، أوجدوا لنا كلمة بديلة عن الليبرالية لنطلقها على الليبرالية .. تماما كما فعل نجيب النجيب، و أنقذ مرسح القباني من الاندثار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق